1575 1604 1605 1581 1575 1590 1585 1577 1575 1604 1579 1575 1606 1610 1577 1593 1588 1585 1606 1592 1585 1610 1577 1575 1604 1581 1578 1605 1610 1577 12 [PDF]

  • 0 0 0
  • Gefällt Ihnen dieses papier und der download? Sie können Ihre eigene PDF-Datei in wenigen Minuten kostenlos online veröffentlichen! Anmelden
Datei wird geladen, bitte warten...
Zitiervorschau

‫المحاضرة الثانية عشر‪ :‬نظرية الحتمية التكنولوجية‬ ‫تمهيد‬ ‫قام مارشال ما كلوهان خالل الستينات من القرن الماضي بوضع تصور خاص ربط فيه بين‬ ‫الرسالة والوسيلة اإلعالمية مؤكدا فيه أهمية الوسيلة اإلعالمية في تحديد نوعية االتصال وتأثيره‬ ‫"إعادة موازين القوة إلى تأثير الوسيلة اإلعالمية إذ اعتبر أن مضمون وسائل اإلعالم ال يمكن الجزم‬ ‫بتأثيراته بمعزل عن تقنيات الوسائل نفسها"‪ ،‬ونظرية مارشال مالكوهان هي عبارة عن تصورات‬ ‫لتطور وسائل االتصال وتأثيراتها على المجتمعات الحديثة ‪ ،‬وهذه النظرية بنيت على ثالث‬ ‫افتراضات أساسية هي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬فرضيات نظرية مارشال ماكلوهان‪:‬‬ ‫ا ‪ -‬وسائل االتصال هي امتداد لحواس اإلنسان‪:‬‬ ‫اعتقد ماكلوهان في ما يسميه الحتمية التكنولوجية أي المخترعات التكنولوجية هي التي تأثر‬ ‫على تكوين المجتمعات ‪ ،‬وحسب ماكلوهان فإن التحول األساسي في االتصال التكنولوجي يجعل‬ ‫التحوالت الكبرى تبدأ لدى الشعوب ليس فقط في التنظيم االجتماعي وإنما في الحواس اإلنسانية‪ ،‬لهذا‬ ‫فالناس يتكيفون مع الظروف البيئية في كل عصر من خالل استخدام حواس معينة ذات صلة وثيقة‬ ‫بنوع الوسيلة االتصالية المستخدمة ‪ ،‬كما إن طريقة عرض وسائل االتصال للمواضيع المتنوعة‬ ‫وطبيعة الجمهور الذي تتوجه يؤثران على مضمون تلك الوسائل ‪ ،‬بالتالي يرى ماكلوهان أن طبيعة‬ ‫وسائل االتصال التي تسود في فترة من الفترات هي التي تكون المجتمعات أكثر مما يكونها مضمون‬ ‫الرسائل االتصالية ‪( ،‬أي لفهم بنية وتركيبة المجتمع وكيفية عالجه لمشاكله فإن نوع الوسيلة السائدة‬ ‫كفيلة لإلجابة) ‪ ،‬أي أنه وبدون فهم لألسلوب الذي تعمل بمقتضاه وسائل اإلعالم لن نستطيع فهم‬ ‫التغيرات االجتماعية والثقافية التي تطرأ على المجتمعات ‪ ،‬فأي وسيلة كما رأى ماكلوهان هي امتداد‬ ‫لإلنسان تأثر على طريقة تفكيره وسلوكه‪ ،‬فكاميرا التلفزيون تمد أعيننا والميكروفون يمد آذاننا‬ ‫واآلالت الحاسبة توفر بعض أوجه النشاط العقلي لإلنسان ‪.‬‬ ‫باختصار ماكلوهان يعتقد أن كل حقبة بشرية تستمد شخصيتها من الوسيلة اإلعالمية المتاحة‬ ‫ذلك أن عصر االلكترونيات حل محل عصر الطباعة ‪ ،‬وأن الوسائل االلكترونية جعلت االتصال‬ ‫سريعا لدرجة أن الشعوب وعلى اختالف مواقعها في العالم تنصهر في بوتقة واحدة ‪ ،‬وتشارك بشكل‬

‫عميق في حياة اآلخرين والتنمية هي أن الوسائل االليكترونية تقضي على الحياة الفردية والقومية‬ ‫وتنمي مجتمع عالمي جديد‪.‬‬ ‫وقد قام مالكوهان بتقسيم تطور االتصال اإلنساني إلى أربع مراحل هي‪:‬‬ ‫ا‪ -‬المرحلة الشفهية‪ :‬وهي مرحلة ما قبل التعلم التي اعتمدت على االتصال الشفهي‬ ‫واستغرقت معظم تاريخ البشرية‪.‬‬ ‫ب‪ -‬مرحلة الكتابة‪ :‬وقد ظهرت في اليونان القديمة واستمرت ألف سنة‪.‬‬ ‫ج‪ -‬مرحلة الطباعة‪ :‬بدأت من ‪ 1500‬م إلى سنة ‪ 1900‬م تقريبا‪.‬‬ ‫د‪ -‬مرحلة الوسائل االلكترونية‪ :‬بدأت منذ القرن العشرين إلى وقتنا الحاضر‪.‬‬ ‫وعموما فماكلوهان من خالل تقسيماته هذه اعتبر أن وسائل االتصال االلكترونية غيرت توزيع اإلدراك‬ ‫الحسي أو كما يسميه "نسب استخدام الحواس" فامتداد أي حاسة يعدل من طريقة تفكيرنا وإدراكنا للعالم‬ ‫من حولنا وتصرفاتنا بوصفنا أفراد فيه ‪ ،‬زيادة على ذالك فالفكرة األساسية التي روجت لنظريته هذه هي‬ ‫اعتقاده السياسي بأن وسائل اإلعالم االلكترونية حولت العالم إلى قرية عالمية تتصل جميع أجزاءها ‪،‬‬ ‫وأن هذه الوسائل االلكترونية ستعيد اإلنسانية إلى الحياة القبلية أو مرحلة الشفهي أين سادت الحضارة‬ ‫الحسية و االتصال القائم على الحواس بدل المطبوع‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬الوسيلة هي الرسالة‪:‬‬ ‫أي أن طبيعة كل وسيلة و ليس مضمونها هو األساس في تشكيل المجتمعات ‪ ،‬و حسب‬ ‫مالكوهان فإن الرسالة أساسية في التلفزيون هي التلفزيون نفسها ‪ ،‬كما أن الرسالة األساسية في‬ ‫الكتاب هي المطبوع ‪ ،‬فالمضمون غير مهم بل المهم هو الوسيلة التي تنقل المضمون على اعتبار أن‬ ‫لكل وسيلة جمهور معين يفوق حبه لهذه الوسيلة اهتمامه بمضمونها و هو يتكيف مع ما تعرضه‬ ‫الوسيلة بخصائصها و مميزاتها المختلفة ‪ ،‬حيث أنه كما يحب الناس القراءة من اجل االستمتاع‬ ‫بتجربة المطبوع فإنهم يحبون التلفزيون بسبب الشاشة التي تعرض الصور و الصوت و الحركة و‬ ‫األلوان‪.‬‬ ‫كما أن مالكوهان قد اعتقد أن بناء الوسيلة ذاتها مسؤول عن نواحي القصور فيها و مسؤول عن‬ ‫قدرتها في إيصال المضمون بالشكل المالئم ‪ ،‬فهناك وسيلة أفضل من وسيلة أخرى في إثارة التجربة‬ ‫أو مضمون معين كما الحال مثال في نقل وقائع مباراة كرة القدم التي تكون أفضل في التلفزيون منها‬

‫في الراديو أو الجريدة حتى و لو كانت رديئة ‪ ،‬أي أنه لكل سياسة تكنولوجيا خصائص معينة تجعلها‬ ‫األفضل في إثارة قضايا و مواضع محددة‪.‬‬ ‫ج ‪ -‬وسائل االتصال الساخنة ووسائل االتصال الباردة‪:‬‬ ‫لقد ابتكر مالكلوهان من خالل نظريته مصطلحين يعتبران مفتاح رئيسي ألفكاره هما(الساخن و‬ ‫البارد) ليصف بهما بناء وسيلة االتصال أو التجربة التي يتم نقلها ‪ ،‬و كلمة بارد عند مالكوهان‬ ‫تستخدم في وقتنا الحاضر لتعني ما اعتدنا على انه ساخن في الماضي ‪ ،‬و يقصد بالوسائل الباردة‬ ‫تلك التي تتطلب من المستقبل جهدا ايجابيا في المشاركة و المعايشة و االندماج فيها ‪ ،‬أي أن‬ ‫مالكوهان هنا صب اهتمامه بالقدرة على التخيل الذي يعتبر جوهر فكرته عن الساخن و البارد‪،‬‬ ‫فالوسيلة الساخنة هي الوسيلة التي ال تحافظ على استخدام التوازن في الحواس أو الوسيلة التي تقدم‬ ‫المعنى مصطنعا و جاهزا مما يقلل احتياج الفرد إلى التخيل أما الوسيلة الباردة فهي التي تحافظ على‬ ‫التوازن في حواس اإلنسان و تثير خياله باستمرار‪.‬‬ ‫و ماكلوهان بمفهومه حول الساخن و البارد رأى أن الوسائل المطبوعة و الراديو وسائل ساخنة‬ ‫ألنها تعتمد على استخدام حاسة واحدة و ال تحتاج سوى لقدر بسيط من الخيال‪ ،‬في حين يرى السينما‬ ‫و التلفزيون من الوسائل الباردة التي تحتاج لممارسة واسعة و جهد كبير من التخيل من قبل‬ ‫الجمهور‪( ،‬أي أن الوسائل الساخنة و التجربة الساخنة درجة وضوحها مرتفعة أو هي اقرب األشياء‬ ‫الطبيعية فهي على درجة كبيرة من الفردية ‪ ،‬كما أنها تحوي قدرا كبيرا من المعلومات المطلوبة ‪،‬‬ ‫في حين أن الوسائل الباردة درجة وضوحها منخفضة و المعلومات التي تنقلها قليلة و تحتاج‬ ‫لمساهمة كبيرة من قبل الجمهور للفهم و استكمال التجربة أو المضمون)‪.‬‬ ‫و في هذا الشأن يرى ماكلوهان أن الوسائل الباردة تحتاج لقدر كبير من مساهمة الجمهور مثل‬ ‫التلفزيون الذي يرفض الشخصيات الساخنة أكثر من الصحافة التي تعتبر وسيلة ساخنة ‪ ،‬فلو كان‬ ‫التلفزيون يقول ماكلوهان موجود على نطاق واسع خالل حكم هتلر و موسوليني لساعد ذالك على‬ ‫اختفائها بسرعة‪.‬‬ ‫*بصفة عامة ماكلوهان في أفكار نظريته و الحتمية التكنولوجية التي طرحها رأى أن مد جهازنا‬ ‫العصبي سوف يمكن اإلنسان من إدماج البشرية كلها داخله ‪ ،‬وان الوسائل االلكترونية سوف تجعلنا نعود‬ ‫للترابط مرة أخرى حيث يعود الفرد إلى التجارب الجماعية و الثقافة الشفهية ‪ ،‬و سوف يشجع المساهمة‬ ‫و النشاط بدل االنسحاب و العزلة و العمل و اإلنتاج بدال من االقتصار على التفكير*‬

‫‪ - 3‬االنتقادات الموجهة لنظرية مارشال ماكلوهان‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬قام ريتشارد بالك بتنفيذ رؤية ماكلوهان حول القرية العالمية ‪ ،‬و اعتقد أن هذه القرية لم تعد‬ ‫تناسب العصر و خاصة مع بداية التسعينات أين استمر العالم في التطور التكنولوجي الذي أشار‬ ‫له ماكلوهان في الستينات ‪ ،‬مما أدى إلى تحطيم القرية الكونية ليصبح العالم اليوم اقرب أن‬ ‫يكون بناية ضخمة تضم عشرات الشقق السكينة ‪ ،‬غير أن كل ساكن يعيش في عزلة عن بقية‬ ‫جيرانه و فردا نية في الحياة دون تأثير في جيرانه أو تأثر بهم‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬إن التطورات المسارعة لتكنولوجيا االتصال جعلها وسائل تخاطب األفراد و تلبي حاجاتهم‬ ‫و رغباتهم الذاتية (نظرية االستخدامات و االشباعات ) ‪ ،‬مما أدى إلى غياب تطور الثقافة‬ ‫العالمية و االندماج الثقافي بين الشعوب الذي زعمه ماكلوهان في القرية الكونية التي تحدث‬ ‫عنها ‪ ،‬ليحل محلها المقاطعات المنعزلة التي يستخدم فيها كل فرد وسيلته الخاصة و بالتالي‬ ‫تزداد فيها الفروقات و التمايزات بين أفرادها عوض االندماج في امة واحدة ‪ ،‬أو كما يعرف‬ ‫حاليا بظاهرة العولمة‪.‬‬