13 0 827KB
ال وجود لتدخل بيداغوجي يقوم بتعليم كل شيء ويسمح بمواجهة جميع الوضعيات
ذ .توفيق عطيفي
مدخل تستند الممارسات التربوية وعمليات التدريس والتعلم على العموم إلى مقاربات بيداغوجية تؤطرها وتوجهها ،وذلك ألن المقاربة البيداغوجية هي بمعنى من معانيها ،تصور ناظم لمجموع ممارسات التعليم والتعلم؛ تصور يربط على نحو نسقي بين الـتـوجـيـهـات الـتـربـويـة المؤطرة للبرامج والمنـاهـج الموجهة لتدريسها وتعلمها والناظمة لمكونات الوضعية التربوية المدرسية ،بما في ذلك غايات العمل البيداغوجي وأهدافه ،والعالقات التربوية والبيداغوجية ،والوسائل والوسائط المعتمدة في التدريس والتكوين والتعلم وأنشطة التقويم والدعم. واذا كانت المقاربات البيداغوجية تتسم بتعدد مرجعياتها وتنوع نماذجها ضمن عرض نظري غني يميز ما يطلق عليه بعض الباحثين اليوم «السوق البيداغوجية» ،فإن هذا يفترض مالءمة كل مقاربة بيداغوجية مع وضعية التعلم المستهدفة واألهداف المتوخاة من العملية التربوية (البيداغوجيا بواسطة األهداف؛ البيداغوجيا بالكفايات؛ بيداغوجيا اإلدماج؛ البيداغوجيا الفارقية؛ بيداغوجيا الخطأ؛ بيداغوجيا النجاح وغيرها) ،وهو ما يستلزم تجاوز الصورة النمطية التي تحد من االجتهاد والمالءمة ،والتي ظلت تطبع في الغالب التعامل مع مفهوم «المقاربة البيداغوجية» ،من خالل التبني األحادي لهذه المقاربة البيداغوجية أو تلك، وتعميمها على مختلف أنواع الوضعيات التعليمية والتعلمية .وهذا القول يمكن معه القول أن المقاربات البيداغوجية ليست وصفات جاهزة قابلة للتطبيق دون تحليل السياق الذي يتم فيه هذا التطبيق ومدى الحاجة إليه .وأكثر من ذلك ،فاألمر يتطلب تفكيرا منهجيا يمكن من مالءمة المقاربات البيداغوجية مع الحاجات المختلفة والمتنوعة للمتعلمين ،انطالقا من تشخيص دقيق لهذه الحاجات .وحتى نتمكن من تناول هذا المحور بشكل ممهنن سنقف عند المستويات الثالث :المقاربة المضامينية ،المقاربة باألهداف ،والمقاربة بالكفايات وذلك بعد حصر مفهوم المقاربة أوال ومنها الى باقي المفاهيم ذات الصلة بهذا المحور.
مفهوم المقاربة البيداغوجية: اعتبرت المقاربة البيداغوجية كموجه ينظم الوضعيات التعليمية والتعلمية من أجل بلوغ غايات محددة ،لذلك ارتكزت على استراتيجية يتم بمقتضاها معالجة المشكلة أو تحقيق هدف معين ،باعتماد إجراءات واستخدام صيغ ووسائل تطبيقية. وللمقاربة البيداغوجية تأثير هام في حفز المتعلم على القيام بعدة أنشطة وعلى التفاعل مع موضوع التعلم وسياقه بشكل عام. وهنا ال بأس من التأكيد على أن فعالية المقارية البيداغوجية تقاس بمدى إقرارها بأهمية التعلم الذاتي واستقاللية المتعلم وتطوير أنشطته الذهنية والسلوكية وتفاعله مع المحيط السوسيوثقافي ،وبالدور التوجيهي للمنشط ،الهادف إلى إشراك المتعلمين وتعزيز قدراتهم ومهارتهم ،وبأهمية التشارك والتواصل أثناء إنجاز المهام. ومن منطلق كون األمر يتعلق بتفاعالت عقلية ووجدانية واجتماعية ،فإن دور المدرس سيكون له تأثير كبير في هذه العملياتـ فهناك قيم ومواقف يتعين عليه تجسيدها على مستوى ممارسته ،نذكر من أبرزها االستعداد والكفاءة والمسؤولية؛ فأن يكون المدرس مستعدا معناه أن يمتلك قدرات تسمح له بالتكيف مع أكبر عدد من الوضعيات الجديدة ،ويتطلب االستعداد للتكيف مع المستجدات كفاءة فعلية في مجال التخصص وفي المجال المهني ،وعليه أن يكون واعيا بأبعاد مهمته وبمسؤوليته االجتماعية في تكوين عقول يقظة وواعية ومتشبعة بقيم التعاون والتشارك .وفي هذا اإلطا ،برزت مقاربات عديدة في الحقل التربوي، ارتكزت على مرجعيات نظرية ،مثل السلوكية والمعرفية والسوسيوبنائية؛ وتوزعت على بيداغوجيات عديدة نذكر من بينها: البيداغوجيا بواسطة األهداف والبيداغوجـيـا بـالـكـفـايـات أو بيداغوجيا اإلدماج أو المشروع أو االكتشاف ،والبيداغوجيا الفارقية الخ... وال بأس في هذا المستوى أ ،نربط بين عناصر المحور السابق وهذا المحور ،بالربط النظري بين مرجعية كل مقاربة من المقاربات موضوع هذا المحور ،ذلك أن البيداغوجيا بواسطة األهداف تستمد أصولها النظرية من المرجعية السلوكية أي من
علم النفس السلوكي لسكينر وواطسن وقولهما بقابلية سلوك المتعلم خاصة واإلنساني عامة للمالحظة والقياس والتقويم ،انطالقا من مبادئ كاالشراط والمثير والتعزيز .في مقابل ذلك تستند البيداغوجيا بالكفيات على التظريات المعرفية اطارا مرجعيا لها وتحديدا لدى بنائية بياجيه وبرونر الذي استلهم خطاطة بياجيه الخاصة بنمو العمليات المنطقية الرياضية والوجدانية لدى الطفل في رسم صيرورة التعلم من تملكه للمهارات الحركية والتعلم الرمزي وإعادة تنظيم التعلمات في صيغ أو نماذج ادراكية على شكل تعميمات او ما سيعرف الحقا بالتعلم باالكتشاف.
أنواع المقاربات: اعتادت األدبيات البيداغوجية على التمييز بين عدة عائالت من الطرق تقوم كل واحدة منها على تصور معين للتعلم :طرق إثباتية واستفهامية ونشيطة .وكل عائلة من هذه العائالت تغطي عددا كبيرا من الصيغ والتقنيات أو الممارسات ،حيث يمكن تحليلها حسب الكميات أو المحددات التالية: - 1الفاعل الرئيسي في التعلم :مدرس ،متعلم أو جماعة. – 2اتجاه التعلم :صيغة تستهدف إعادة اإلنتاج ورد قدرة (معرفة إعادة القول ،معرفة معاودة العمل) (التكرار أو التقليد)، أو تحويل معارف مكتسبة واإلبداع. - 3درجة مشاركة المتعلمين :طرق تشاركية قليال أو كثيرا تهدف إلى نقل معارف ( بـيـداغـوجـيـة مـؤسسـة على المشروح والمبين تستهدف إعادة اإلنتاج) أو طرق تشاركية تهتم أوال بأنواع الجودة الدينامية لألفراد (استقاللية ،تكيف) وبتحويل . – 4االستعمال األكثر أو األقل أهمية للوسائط؛ بمعنى واسطة بين المكون والمتعلم.
-1المقاربة المضامينية والمقاربة باألهداف: تستهدف المقاربة اإلثباتية أو التقليدية بيداغوجيا نقل معرفة المكون إلى المتعلم ،حيث تنظر الى األستاذ كقائم بالعملية التعليمية هنا هو الفاعل الرئيسي ،فهو يمتلك المعرفة وينقلها إلى المتعلمين في وضعية التلقي ،وهي تتطلب منه قدرات كبيرة في التواصل .كما أنها تتفرع إلى مجموعتين هما : أ -طرق إلقائية :درس ،عرض محاضرة ،وثائق مكتوبة ،سمعية بصرية أو معلوماتية ،تهدف كلها لتقديم معلومة. ب -طرق برهانية :تتشكل من البرهان ومشتقاته لتوضيح نمط إجرائي. كما تسمى الطرق اإلثباتية كذلك بما يلي: الطرق األستاذية ألن ما يهم هو ما يقوم به األستاذ. الطرق التقليدية ألنها تقوم على تصور تقليدي للبيداغوجيا ينطلق من المبدأ القائل بأن المعرفة يحوزها األستاذ (المعلم)والبيداغوجيا هي نقل للمعرفة (معرفة األستاذ). كما تسمى كذلك الطرق المنفعلة (السلبية) ألنها ال تورط المتعلم الذي يظل في وضعية االستماع والمالحظة وال يعمل هوبنفسه ليصير مستقال. ومن حيث أنها معتادة لدى المدرسين والمكونين فهي طرق اقتصادية وسريعة (تسمح بنقل معلومات كثيرة في وقت وجيز إلى مجموعات كثيرة) ،كما أنها ال تهتم بما يمكن أن يقوم به المتعلم ،حيث تعتبره عبارة عن متلقي. ج -الطرق االستفهامية :تعمل من جهتها على جعل المتعلم يكتشف ما نريد تعليمه ،أي أنه على المتعلم أن يقطع نصف الطريق بنفسه ،لكن الطريق يرسمه المدرس الذي يطرح سلسلة من األسئلة ويظل في الوقت نفسه الفاعل الرئيسي.
اشتهرت هذه الطرق بتقنية أسئلة – أجوبة والتعليم المبرمج المكتوب أو المبني معلوماتيا .تقود األسئلة المتعلم من اكتشاف المعلومة ،محفزة رد فعله ،منشطة تفكيره ،وموقظة فيه بعض المشاركة .كما التسمى هذه الطرق عالوة على ذلك بالتغذية الراجعة feed-backالدائمة التي ترفع من التحفيز واالستبتاق .وهي تقوم من األساس على المبدأ القائل بأننا نحتفظ أكثر بما اكتشفناه بأنفسنا حتى ولو كان ذلك االكتشاف موجها.
-2المقاربة بالكفايات: تعتبر المقاربة بالكفايات من الطرق النشيطة على عكس الطرق السلبية المتمركزة على عمل المدرس ،فإن الطرق النشيطة تتمركز عـلـى الـفـعـل وليس فقط على السمع والمالحظة .إن المتعلمين هـم الـفـاعـلـون في البيداغوجيا ،فما يتعلمونه يظهر في جزء كبير في النشاط الذي يقومون به بأنفسهم .وتتأسس هذه الطرق على الفكرة القائلة بأن البيداغوجيا هي إبداع لمحيط يقوم به المدرس يسمح له بالوصول إلى معرفة ما أو تملكها بفضل االكتشاف والتجريب والفعل والتجربة الشخصية .تقوم الطرق النشيطة على المبدأ القائل بأن الفرد يتعلم أحسن إذا ما: انخرط شخصيا في الفعل بمعنى فكر واكتشف بنفسه وجرب حلوال ،وهذا معناه أننا نحتفظ بما نتعلمه أكثروأحسن إذا ما ربطنا الفعل بالقول. شيد معرفته بنفسه وهو يواجه مشكال أو إذا توفرت له المناسبة ليكتشف بنفسه (طريقة االكتشاف) (الحل). إذا شعر بأنه معنيا مورطا ثم محفزا وليس فقط مهتما فكريا. إذا كان مشاركا في مجموعة ألننا نتعلم بسهولة مع الجماعة وبشكل خاص أمور الحياة االجتماعية.يتمثل دور المدرس بتبنيه لهذه الطرق في تسهيل التعلم أي أن المدرس هو المسهل والوسيط catalyseur عوض المعلم ،ثم يتمثل دوره كذلك في المنشط لجماعة ،حيث يقدم لكل فرد منها الوسيلة التي من شأنها أن تجعله يتملك المعرفة وذلك ما يتطلب قدرات كبيرة على تنشيط الجماعات.
إن الطرق النشيطة هي حالة ذهنية وتوجه بيداغوجي ،فبعض السلوكات تكون رغم ذلك خاضعة لنسق مثل: - 1تكوين موجه حول كمية، – 2دراسة حاالت، -3التعلم عن طريق حل المشكالت، – 4تعليم استراتيجي، - 5لعب األدوار - 6مناقشة جماعة، – 7بيداغوجيا مشروع...
تصنيف الكفايات يزخر الحقل التربوي بالكم الهائل من الدراسات واألبحاث المتنوعة ،لدرجة يجد القارئ نفسه أمام حيرة وصعوبة الضبط بسبب تنوع وتشابك المفاهيم ،وعلى هذا األساس تعتبر عملية توحيد المفاهيم أمرا ضروريا .لذلك سنعمل في هذه الورقة على محاولة تصنيف الكفايات حسب ما تم االتفاق عليه في األدبيات التربوية ووفق ما هو معتمد في المنظومة التربوية المغربية . أ -كفايات متعلقة بالمواد – النوعية :-يتعلق األمر بكفاية ترتبط بمادة دراسية أو مجال دراسي معين ،وتسمى كذلك كفاية نوعية .ويصنف هذا النوع إلى نوعين هما: النوع األول :كفايات أساسية وتسمى أيضا كفايات قاعدية أو كفايات جوهرية ،وهي الكفايات الرئيسية والضرورية التي تستوجب من المتعلم أن يتحكم فيها إن أراد االرتقاء في تعليمه ألنها تعتمد في بناء تعلمات الحقة ،إذ ال يحدث التعلم بدونها. تتم تنميتها بطريقة تصاعدية ،كذلك تمكن من إرساء دائم للمكتسبات وبناء كفايات جديدة ترتقي إلى مستوى أعلى بطريقة مرضية وباستقاللية تامة ،كما تمكن من التصرف بطريقة مالئمة في وضعيات مختلفة من حياة المتعلم -.مثال في مادة االجتماعيات :أن يكون التلميذ قادرا على طرح السؤال والتعليق على األحداث الجارية إقليميا ودوليا ،أن يتمكن من انتقاد خطة تنموية من حيث اثارها االجتماعية. النوع الثاني :كفايات إتقان ،وهي كفايات ترتبط بفئة من الوضعيات أكثر تركيبا ،وهنا يأتي الحديث عن وضعيات مركبة ،إال أن المتعلم غير مطالب بالتحكم فيها بطريقة مطلقة في مستوى دراسي معين ،ألنه من الصعب أن يوفق بالضبط الكامل لكل جوانب الكفاية .مما يجعل منها مصدرا لكفايات عملية واستراتيجيات تؤدي إلى إتقان بقدر كبير ،وبالتالي إلى تخصصات محتملة .وتسمى كذلك كفايات نوعية وهي أقل شمولية من الكفايات المستعرضةى وقد تكون سبيال إلى تحقيقها .فعدم إتقانها من لدن المتعلم ال يؤدي إلى فشله في الدراسة .والكفاية النوعية هي خاصة ألنها ترتبط بنوع محدد من المهام ،وانطالقا من ذلك ،فإن الكفاية النوعية هي الكفاية المرتبطة بمهام أو بفئة من المهام والتي تندرج في إطار مواد دراسية أو مجاالت تربوية
ومن أمثلة الكفايات النوعية في مادة النشاط العلمي بالنسبة للتعليم االبتدائي نذكر: • تصنيف األغذية حسب مقاييس معينة؛ • تصنيف الطيور باستعمال معايير محددة؛ • تنظيم مفهوم الزمان بناء على اإلدراك وليس على اإليقاع البيولوجي. أمثلة الكفايات األساسية في مادة النشاط العلمي للسنة الخامسة من التعليم االبتدائي نذكر: • فصل مكونات الخليط ؛ • تعرف أنواع الخليط ؛ • تعرف دور العضالت في إحداث الحركة؛ • تعرف األلوان األساسية في مجال الضوء. ومن أمثلة كفايات اإلتقان في مادة النشاط العلمي ،للسنة الخامسة من التعليم االبتدائي نذكر :تعرف العلبة المظلمة؛ تعرف المشروب الغازي.
ب -کفايات مستعرضة: الكفاية المستعرضة تتعدى حدود السياق المدرسي بالرغم من أنها في خدمة المواد الدراسية ومجاالت التمكن من هذا النوع من الكفايات يتطلب تعبئة موارد تتعلق بعدة مواد أو مجاالت ،وليس بمادة أو مجال محدد ،وبذلك تتميز بخاصية متعددة األبعاد ،ويتم تقويم التحكم فيها بطريقة منتظمة وشمولية ،تسمى كذلك كفايات ممتدة وعامة ،وهذا النوع من الكفايات يتميز بغنى مكوناته ويتطلب تحقيقه زمنا طويال . إن آلية التفكير العلمي ككفاية ممتدة ترتبط بأكثر من تخصص ،ألن التفكير العلمي ليس مقتصرا على النشاط العلمي أو الرياضيات ....بل يدخل ضمن كل التخصصات. كما أن التمكن من هذه الكفاية يتطلب وقتا كبيرا بما يتطلب من تفاعل وتداخل بين مجموعة من الموارد المختلفة والمتنوعة والمركبة .وهذا النوع من الكفايات يمثل درجة عالية من الضبط واإلتقان ،لتداخل مجموعة من التخصصات المتقاطعة فيما بينها في بنائه ،كما أن امتالكه يتطلب تعلما مسترسال وواعيا طيلة الحياة الدراسية للمتعلم ،فحل مسألة في الفيزياء تتداخل فيها كفايات مرتبطة بالرياضيات واللغة . . .إلخ.
ومن أمثلة الكفايات الممتدة نذكر: امتالك آليات التفكير العلمي، القدرة على التواصل العلمي؛ تنمية القدرات التواصلية؛ التحكم في االنجازات الفنية؛ امتالك الفكر النقدي؛ اتخاذ مواقف إيجابية تجاه الذات والمجتمع والبيئة.وقد تم تحديد مواصفات المتعلمين والمتعلمات بالنسبة للتعليم االبتدائي ،وذلك من خالل التركيز باألساس على الجوانب التواصلية وإلستراتيجية والمنهجية والثقافية والتكنولوجية ،من أجل بلوغ مستوى التمكن من المكون اللغوي التواصلي ،ومستوى التمكن من الجوانب األساسية المنهجية واإلستراتيجية ،ومستوى التمكن من الجوانب الثقافية ،وذلك من خالل رصيد معرفي وثقافي يمكن المتعلم والمتعلمة من االندماج في بيئته.
ومن أنواع الكفايات الممتدة نذكر: كفايات إستراتيجية :تؤهل المتعلمين للوعي بذواتهم والتموقع في الزمان والمكان وبالنسبة لآلخروالمؤسسات المجتمعية والتكيف معها ومع البيئة بصفة عامة وتعديل السلوكات وفق مايفرضه التطور؛ كفايات تواصلية :تنمي لدى المتعلمين مكونات وقواعد التواصل اللغوي والتمييز بين أنواع الخطابوالتعامل معها شفهيا وكتابيا؛ كفايات منهجية :تحول المتعلمين إلى أفراد متمكنين من طرائق التفكير المنطقي وممارسة االستداللواالرتقاء بمدارج النشاط العقلي ،كما تجعلهم يكتسبون منهجية للعمل والتنظيم وتدبير التكوين الذاتي والمشاريع الشخصية؛ كفايات تكنولوجية :تمكن المتعلمين من بناء القدرات الفنية واإلبداعية في مجال اإلنتاج واالبتكارالصناعي وتقويم الجودة؛ كفايات ثقافية :تنمي لدى المتعلمين قدرات التعلق بالثقافة الوطنية وبمكوناتها ومجاالتها واالنفتاح علىثقافات أخرى.
مميزات الكفاية
من خالل تعريف «روجرس» للكفاية يمكن أن نستنتج مجموعة من المميزات الخاصة بالكفاية: إمكانية لدى المتعلم :أي أنها أمر داخلي لديه ،يرتبط بمدى امتالكه لمجموعة من المؤهالتواالستعدادات التي تساعده على تحقيق مهمة معينة .أي امتالكه لمجموعة من الموارد التي تشكل في غالب األحيان مجموعة مندمجة يصعب تحديدها؛ تعبئة مجموعة موارد مندمجة :التمكن من الكفاية ال يعني فقط امتالك معارف وقدرات ومهاراتواستعدادات ....وإنما التفاعل فيما بينها ضمن مجموعة مدمجة .وال يعتبر توفر التلميذ على كل الموارد الخاصة بكفاية ما ضروريا؛ الوظيفة أو الغائية :امتالك المعارف والقدرات والمهارات والمواقف يبقى دون معنى إذا لم يستثمر فينشاط أو موقف أو إنتاج محفز أو في حل مشكلة تعترض المتعلم داخل المؤسسة أو خارجها .وبالتالي فإن الكفاية غائية وقصدية تستجيب لوظيفة اجتماعية؛ مرتبطة بفئة من الوضعيات :ال يمكن ممارسة الكفاية إال في إطار حل فئة من الوضعيات المتكافئة ،التيتتطلب استثمار مجموعة من الموارد على شكل أهداف معرفية وحس حركية ووجدانية.
مرتبطة بمحتوى دراسي :إن حل الوضعيات المرتبطة بالكفاية يتطلب استثمار مجموعة من المواردالمكتسبة عبر محتوى دراسي معين ،ضمن مادة دراسية واحدة أو عدة مواد ،وذلك حسب نوع وطبيعة الكفاية المراد تحقيقها .الكفاية اذا ترتبط أكثر بتخصص معين ،لذا فإنها تتناسب مشكالت خاصة بالتخصص ومنبثقة من مقتضياته؛ قابلة للتقويم :يظهر ذلك من خالل القدرة على إمكانية قياس جودة إنجاز التلميذ ،من خالل حلوضعية -مسألة أو إنجاز مشروع معين ...ويتم تقويم الكفاية من خالل معايير تحدد مسبقا .هذه المعايير تتعلق بنتيجة المهمة المرتبطة بجودة المنتوج ،دقة اإلجابة ،...أو بسيرورة إنجازها المرتبطة بمدة االنجاز ،درجة استقاللية التلميذ ،تنظيم المراحل، ...
صياغة الكفاية تعد مرحلة صياغة الكفاية من المراحل المهمة والصعبة المطروحة على عاتق المدرسين بالخصوص، نظرا لألهمية التي تكتسيها هذه العملية من حيث دقة المفاهيم والطابع اإلدماجي لها ،فقد حدد كزافيي روجرس خطوات أساسية لصياغة الكفاية كالتالي: - 1تحديد المطلوب من التلميذ: أوال ،تحديد نوع المهمة المفترض إنجازها من طرف التلميذ ،إما عبر حل وضعية – مسألة ،أو إنتاج جديد ،أو إنجاز مهمة عادية كالتأثير على البيئة ،... ثانيا ،تحديد التعليمات
الموجهة للتلميذ بهدف إنجاز المهمة المطلوبة والتي تتطلب الدقة والوضوح و قابلية القياس ،مع تحديد ظروف االنجاز ،سيرورة االنجاز ،اإلكراهات ،المراجع . الصياغة التقنية :خالل الصياغة التقنية للكفاية البد من األخذ بعين االعتبار عدة أمور ضرورية ،كالتالي: تعبئة مكتسبات مدمجة وليس مضافة بعضها إلى البعض األخر؛ اإلحالة إلى فئة من الوضعيات متكافئة ومحددة بعوامل معينة؛ تجسيد الكفاية في وضعيات ذات داللة بالنسبة للتلميذ لتكون ذات معنى ومحفزة للتعلم؛ ضمان إمكانية بناء وضعية جديدة للتقويم دالة بالنسبة للتلميذ لتكون ذات معنى ومحفزة للتعلم؛ التمركز حول مهمة معقدة تتطلب من المتعلم البحث والتقصي من أجل التوصل إلى الحل؛ أن تكون قابلة للتقويم أي القدرة على قياس درجة إنجاز المتعلم للمهمة؛ أن تكون مالئمة للبرنامج الدراسي وأن ال تتناقض مع واقع التلميذ من حيث احترام عاداته وتقاليدهوأعرافه وخصوصياته. مثال من مادة الرياضيات :يكون التلميذ(ة) قادرا على إنشاء متوازي االضالع باستعمال المسطرة والبركار والمزواة.
مفاهيم مركزية في المقاربة بالكفايات -1القدرة يحمل مصطلح القدرة معاني متعددة كما هو الحال بالنسبة للكفاية ،فتارة يكون مرادفا للمهارة وتارة أخرى يحمل معنى الكفاية ،وتعرف الكفاية في بعض الكتابات على أنها عنصر من عناصر القدرة .ولتوضيح اللبس الحاصل بين القدرة والكفاية نذكر تعريف كزافيي روجرز xavierroegiersالقدرة بأنها« :إمكانية أو استطاعة فعل شيء ما ،وهي نشاط يمارس ،مثال ذلك تحديد األشياء وتعريفها ،المقارنة ،الحفظ، التحليل ،التصنيف ،الترتيب بالتسلسل ،التجريد ،المالحظة.» . . . ، كما أن القدرة في نظر فيليب ميريو« :نشاط فكري ثابت قابل للنقل في حقول معرفية مختلفة ،فهي مصطلح يستعمل في االغالب كمرادف لمعرفة الفعل ،savoir faireفال توجد أية قدرة في شكلها الخام، وهي ال تظهر إال من خالل تطبيقها على محتوى معين » . كما أن القدرة هي تنمية نوع معين من السلوك وبلورة مواقف فكرية ووجدانية معينة ،وهي مفهوم افتراضي غير قابل للمالحظة ،يدل على تنظيم داخلي لدى الفرد (التلميذ) ،ينمو عبر عملية التكوين ،ومن خالل التفاعل بين العمليات العقلية وأساليب السلوك ،الذي تخلفه األنشطة التكوينية ،انطالقا من توظيف معارف ومضامين معينة.
فإن مجموعة من القدرات تتكاثف لبناء كفاية واحدة ،وهو ذات المعنى الذي قال به ميشال دوفلي بأن: «الكفاية يمكنها أن تفكك إلى مكونات أكثر خاصية وهي من عناصر الكفاية ،والقدرات في مقاربات أخرى.». فبالرغم من أن القدرة تتميز بخاصية عامة أكثر من الكفاية ،فإنها تشكل عنصرا مهما من عناصرها والعكس غير صحيح ،فمثال عندما نتحدث عن «القدرة على المالحظة» فهي عنصر مهم من عناصر قيادة الدراجة ككفاية . أمثلة من مادة الرياضيات :القدرة على التمثيل ،القدرة على المقارنة ،القدرة على التسمية . ويمكن تصنيف القدرات إلى ثالثة أصناف كالتالي : القدرات المعرفية :ويتعلق األمر بالتفكير واالستيعاب والتحليل والمقارنة والبرهنة وغيرها منالعمليات العقلية ،التي تستهدف إعمال الفكر وتطوره وانعكاسه على مستوى السلوك من حيث النجاعة واالستقامة ،كالقراءة والمقارنة والتلخيص...إلخ؛ القدرات السوسيو -وجدانية :يتعلق األمر باإلقرار بالموافقة أو بالرفض واإلنصات والتقدير والتثمين ،...وكلها عمليات تبرز تدخل الجانب الوجداني للتلميذ من خالل حكم القيمة على نشاط أو تصرف معين ،مما يربي فيه االختيار من خالل معايير قيمية وليست آلية ،وهذا ما يجعل تقييم القدرات الوجدانية أمرا صعبا؛
القدرات السيكوحسية حركية:يتعلق األمر بالعمل الحركي عبر سلسلة من العمليات واألنشطة الحركية ،وبمالحظة العالم الخارجي، وبالتحكم في العمل اليدوي من خالل التلوين والرسم والمزج ووضع الخطوط ...إلخ.
وتجدر اإلشارة إلى أن هناك قدرات ترتبط بالجوانب الثالث السابقة ،كالقدرة على الكتابة مثال ،يتجلى الجانب المعرفي فيها من خالل معرفة ما يمكن كتابته ،أما الجانب الحس-حركي فيتمثل في كتابة سهلة للمقروء أي الخط ،ويتجلى الجانب السوسيو-عاطفي في التعبير عن الرأي واألخذ بعين االعتبار مستوى القارئ. وتتميز القدرة بأربع خصائص رئيسية تميزها عن باقي المفاهيم األخرى وعن الكفاية نفسها وهي كالتالي: • االمتداد :تتميز القدرة بكونها قابلة بأن تعتمد وبشكل متنوع ومتباين في جميع التخصصات ،فإن استعماالتها ال تقتصر فقط على درس دون أخر أو مجال دون غيره ،وبالتالي تكون ممتدة أو مستعرضة. فالقدرة على الرسم تستعمل في الرياضيات أكثر من االجتماعيات ،كما تستعمل في االجتماعيات أكثر من التربية على المواطنة . . .إلخ؛
• التطور :تتطور القدرة على طول حياة الفرد أي مدى حياته .فالقدرة على المشاهدة تكون عند الطفل الذي لم يتجاوز سنه بضعة شهور ،وهذه القدرة تتطور عند الطفل مدى حياته ،غير أن هذا التطور يمكن أن يتم في الزمان بكيفيات مختلفة من حيث السرعة والدقة والتلقائية....إلخ. وتطور القدرة يرجع باألساس لكونها تطبق على سلسلة واسعة من المضامين وليس فقط على مضمون متخصص؛ • التحول :تتطور القدرة عبر شكل آخر مخالف لعامل الزمن المحيط ومع المضامين المختلفة وكذلك من خالل اتصالها مع قدرات أخرى ،حيث يقع تداخل وتفاعل فيما بينها من أجل إنتاج قدرات جديدة أكثر إجرائية. فالقدرة على التفاوض مرتبطة بالقدرة على التواصل التي ترتبط بدورها بالقدرة على االتصال ...إلخ. والقدرة على التمييز مرتبطة بقدرات أساسية أخرى مثل المقارنة والتحليل والترتيب . . .إلخ؛ • غير قابلة للتقويم :من الصعب جدا قياس درجة تحكم الفرد من قدرة معينة في حالتها الخالصة والواقعية .
-2المهارة يقصد بالمهارة التمكن من أداء مهمة محددة بشكل دقيق يتسم بالتناسق والنجاعة والثبات النسبي ،ولذلك الحديث عن التمهيرأي إعداد الفرد ألداء مهام تتسم بدقة متناهية .يقترب مفهوم المهارة كثيرا من مفهوم القدرة ،غير أن بعض المنظرين يستعملون مصطلح مهارة لإلشارة إلى مؤهالت يمكن تحديدها والوقوف عليها بسهولة ،من خالل التحكم في الحركة ،أي السهولة في استعمال أداة أو آلة أو بواسطة إنجاز مهمات مركبة بعض الشيء ،كالتعبير عن إحساس معين ،واإلدالء بمعلومات أو طلبها..إلخ . فالمهارة أكثر تخصيصا من القدرة ألن األولى تتمحور حول الفعل أي أداء تسهل مالحظته ،ألنها ترتبط بالممارسة والتطبيق ،أما القدرة فترتبط بامتداد المعارف والمهارات. ومن أمثلة المهارات نذكر: أ -مهارة التقليد والمحاكاة :تكتسب هذه المهارة بواسطة تقنيات المحاكاة والتكرار ومنها: رسم أشكال هندسية؛ التعبير الشفوي؛ -إنجاز تجربة.
ب -مهارة اإلتقان والدقة :وأسس بنائها التدريب المتواصل والمحكم. مثال في مادة النشاط العلمي :ترجمة صياغة لغوية إلى إنجاز أو عدة تجريبية ،األداء أو اإلنجاز يعتبر االنجاز واألداء ركنان مهمان لوجود الكفاية ،ويقصد به إنجاز مهام في شكل أنشطة أو سلوكات آنية محددة وقابلة للمالحظة والقياس ،وعلى مستوى عال من الدقة والوضوح . ج -االستعداد: يقصد به مجموع الصفات الداخلية التي تجعل الفرد قادرا على االستجابة بطريقة معينة وقصدية .أي أنه يشير إلى تأهيل الفرد من أجل القيام بمهمة معينة أو أداء معين ،غير أن القيام بهذه المهمة يكون بناء على مجموعة من المكتسبات السابقة ،ومنها القدرة على انجاز األداء .وبهذا المعنى يعتبر االستعداد نتاجا ودافعا لعملية اإلنجاز ،إضافة إلى الشروط المعرفية والمهارية والسيكولوجية ،فالميل والمهارة والرغبة عنصران مهمان لحدوث االستعداد. د -األهداف اإلجرائية :هي عبارة عن أهداف دقيقة صيغت صياغة إجرائية وترتبط بما سينجزه المتعلم من سلوك بعد ممارسته لنشاط تعليمي معين . ه -المؤشر :المؤشر هو نتيجة لتحليل الكفاية أو مرحلة من مراحل اكتسابها ،سلوك قابل للمالحظة يمكن من خالله التعرف عليها ،وبالتالي يسمح بتقويم مدى التقدم في اكتسابها .إنه عالمة محتملة لحصول التفاعل بين تنمية القدرات وبين المعارف ،وبذلك يشكل نقطة التقاطع بين القدرات والمضامين المعرفية .