4 0 342KB
المملكة العربية السعودية جاللة الملكـ
بسم اهلل الرحمن الرحيم
حضرة صاحب الفخامة الرئيس ليندن جونسون رئيس الواليات المتحدة األمريكية واشنطن دي سي يافخامة الرئيس العظيم: في الزيارة التي قمت بها في مايو1966م إلى الواليات المتحدة األمريكية تشرفت بمقابلتكم واغتبطت ابلغ االغتباط لما ابديتموه من اهتمام زائد بما شرحته لفخامتكم عن دور مصر الخطير في اليمن والمنطقة بوجه عام ،بدعمها الثوار والهاب اذاعاتها لمشاعر الناس ضدنا جميعاً ،أي ضد الواليات المتحدة األمريكية والمملكة العربية السعودية ودأب مصر المستمر والتاريخي ألسقاط حكمنا ..لكن فخامتكم رأيتم أن أحسن طريقة إلتقاء شرها هي االستمرار في بذل الجهود وتوسيط الوسطاء للتقرب إلى مصر بالذات ،لعلنا عن طريق هذا التقارب نضمن صمت اذاعاتها عن المملكة العربية السعودية التي هي دعامتنا الكبيرة في المنطقة نظراً لقداسة اراضيها ..أما الواليات المتحدة فال يهمها ما تقوله مصر وغيرها فيها، وباتفاق المملكة السعودية مع مصر فقد نصل إلى حل الكثير من المشاكل في المنقطة بما فيها مشكلة (اليمن) ،هكذا قلتم ياسياده الرئيس ..وال يخفى عليكم يافخامة الرئيس ما بذله الوسطاء امثال الرئيس السوداني محمد محجوب وشخصيات غيرها ومابذلته انا شخصياً من جهود في هذا الصدد منذ أن توليت حكم البالد. ففي 9اغسطس1964م التقيت بالرئيس المصري عبدالناصر في مؤتمر القمة باإلسكندرية والتقينا ايضاً في مؤتمر عدم االنحياز في القاهرة في اكتوبر 1964م وتم االتفاق بيننا في كال المؤتمرين على النقاط التالية: .1ايقاف حمالت التشهير االذاعية المنطلقة من القاهرة ضدنا. .2حل الخالفات القائمة بين االطراف المختلفة باليمن وذلك بما نراه مناسبًا كالتالي: 1
أ) سحب الجيش المصري من اليمن. ب) ابعاد العناصر الثورية المتطرفة التي اطاحت بالملك محمد البدر وعائلته امثال السالل والجزيالن وغيرهما. ج) اشراك الملكيين في الحكم مع أناس يتسمون باالعتدال. د) عند ذلك تتعهد المملكة بإيقاف اي امداد خارجي للملكيين. ولكن لم يتم التقيد بما اتفقنا عليه مع عبدالناصر ،ألنه خالف كل ما اتفقنا عليه واستمرت إذاعته ،تتهمنا بالعمالة المريكا وإسرائيل ..علماً اننا لم ننكر صداقتنا ألمركيا لما في هذه الصداقة لنا من شرف عظيم ،ومع ان مصر لم تف بوعودها فقد ضبطنا انفسنا وبعثنا باقتراح إلى عبدالناصر قلنا فيه" :اننا ولكي نوقف تدفق الدم في اليمن البد من أن نعمل معاً على ايجاد الحلول المعقولة التالية: اوالً :ايجاد مجلس رئاسي في صنعاء يتكون من خمسة اعضاء عن الملكيين واألخرين ممن تهمهم مصلحة اليمن فقط. ثانياً :ايجاد مجلس وزراء يتفق على عدد اعضائه. ثالثاً :ايجاد مجلس شوري يساعد في االشراف وادارة الحكم ..على ان تستمر هذه التشكيلة لمدة ستة اشهر او سنه فترة انتقال يتم خاللها اآلتي: )1انسحاب القوات المصرية من اليمن. )2حالما يبدأ انسحاب القوات المصرية تتوقف المملكة من اعطاء أية مساعدات حربية أو عسكرية للملكيين. )3يجرى استفتاء شعبي على نوع الحكم الذي ترتضيه القبائل واالطراف المختلفة من الشعب اليمني. )4تتعهد المملكة العربية السعودية بأنها لن تقدم أي عون عسكري أو غير عسكري ألية حكومة يمنية قادمة مالم تطلب العون منا هذه الحكومة أو تلك. هذا هو احد المشاريع التي قدمناها لمصر ،فوافقت مصر على هذا المشروع ايضاً ،ومع ذلك فلم تتوقف مصر عن التدخل في شئون اليمن ،ولم يحترم المصريون أي اتفاق ،بل ازداد تدخلهم حتى اصبحوا مصدر االمدادات الوحيد العداءنا وزاد في ذلك انهم ضاعفوا قواتهم 2
بعد أن قتل منهم قرابة الـ 15000عسكري مصري وقرابة المائة الف يمني ملكيين وجمهوريين ..وبعد أن عم االستياء كافة انحاء اليمن ضد المصريين توجه عدد كبير من قادة اليمن الينا طالبين "تدخلنا إليقاف المستعمرين المصريين عند حدهم" ثم جاء الينا عدد من شيوخ قبائل اليمن وعقدوا مؤتمراً في اوائل شهر اغسطس 1965م تعاهدوا في هذا المؤتمر بميثاق اصدروه باسم ميثاق الطائف بايعونا فيه ،وطالبونا "بالعمل معهم إلخراج المصريين، والعمل بما يضمن لهم انشغال المصريين عنهم وعن غيرهم بأنفسهم" واستمر جهاد قادة اليمن ضد المصريين وضد اعداء الملكية في اليمن مما جعل عبدالناصر نفسه يركع امام هذا الجهاد ويتحرك بنفسه نحونا وهكذا جاء عبدالناصر الى جده ليقبل جبيني وخشمي على الطريقة العربية طالباً حل مصيبة اليمن ..وانتهى اجتماعنا إلى االتفاق الذي سميناه باسم (اتفاق جده) واذعنا بنود هذا االتفاق على الناس واستغرقت اجتماعاتنا ايام 24،23،22أغسطس 1965م ومن ضمن ما قررنا في اتفاق جده مايلي: -1تشكيل مؤتمر يتكون من خمسين عضواً يمثلون جميع القوى اليمنية وأهل الحل والعقد للشعب اليمني ،يعقد هذا المؤتمر في مدينة حرض اليمنية يوم 23نوفمبر 1965م ليقف هذا المؤتمر أمام المقررات التالية: أ) تقرير طريقة الحكم للشعب اليمني. ب) تشكيل وزارة مؤقتة. ج) يجرى استفتاء عام في موعد اقصاه يوم 23نوفمبر1966م. د) تتوقف المملكة السعودية عن كافة مساعداتها العسكرية للملكيين. هـ) تسحب مصر كافة قواتها العسكرية من اليمن في ظرف عشرة شهور ابتداءً من يوم 23نوفمبر 1965م. و) تقوم لجنة رقابة سعودية ولجنة رقابة مصرية باالشراف على تنفيذ هذه المقررات. هذا وبالفعل تم عقد المؤتمر في موعده ،بحضور لجنتي الرقابة السعودية والمصرية ..لكن جلساته دامت من 23نوفمبر 1965م حتى 6يناير 1966م دون أن يأتي بأدنى نتيجة تذكر لصالح الملكيين.
3
ولعل الكتاب الذي بعث لي به رئيس الوفد الملكي في هذا المؤتمر السيد أحمد الشامي يكشف بجالء مدى تعنت المصريين والطرف اآلخر (الجمهوري) حينما قال أحمد الشامي في كتابه: اوالً :أن وفد الجانب اآلخر يضم بين اعضاءه شرذمة من السفاحين الذين قتلوا النفوس البريئة ونهبوا االموال وعاثوا بالحرمات تحت شعار الجمهورية المفروضة علينا بقوة سالح المصريين المعتدين. ثانياً :ان التعسف الذي اتبعه اعضاء الوفد المسمى بالجمهوري بإنكارهم التفاقية جده اليستمد إال من قوة الدعم المصري. ثالثاً :ان الجيش المصري حسب معلوماتنا األكيدة لن ينسحب من اليمن وأن هذا المؤتمر وغيره لن يكون إال لكسب الوقت لصالح المصريين والشراذم الجمهورية. رابعاً :لقد فهمنا ان اتفاقية جده تعني أختيار الطريق الوسط لحكم يقوم في اليمن ،ال جمهوري وال ملكي لكن من يسمون انفسهم بالجمهوريين افهمونا انهم غير مستعدين للسير خطوة واحدة لاللتقاء بالملكيين في حل وسط ،وان الجمهوريين يتمسكون بنظام شرعي قائم ومعترف به من األمم المتحدة وجامعة الدولة العربية علماً بأن امريكا وبريطانيا والمملكة العربية السعودية والدول الملكية كلها لم تعترف بهذا الحكم الجمهوري المفروض ..الخ). ومن رسالة السيد أحمد الشامي هذه وغيرها من التقارير تبين لنا بجالء مايلي: -1ثبت انه حتى وأن – ذهب – حكام اليمن الثوريين بعيداً عن حكم اليمن القائم فإذا لم ينسحب الجيش المصري من اليمن فان خطورة وجود هذا الجيش المصري أو أي وجود مصري أخر في اليمن سيكون عقباها غير حميدة ليس لنا وحدنا بل الصدقاءنا األمريكان وبريطانيا والدول الغريبة خاصة بعد أن صرح جمال عبدالناصر في خطابه في اليمن معلناً "انه سيدعم الثوار في الجنوب حتى اليوم الذي يتمكن فيه الثوار من اخراج االنكليز صاغرين من هذه األرض العربية التي اطلقوا عليها اسم محمياتهم".
4
هكذا يافخامة الرئيس ،ثم يتابع عبدالناصر خطابه قائالً "أن الجيش المصري سيبقى في اليمن ولن ينسحب منها مالم تتوقف السعودية عن امدادها لشراذم الملكيين ومالم ينسحب منها ومالم تتوقف السعودية عن امدادها لشراذم الملكيين ومالم ينسحب آخر جندي بريطاني من جنوب جزيرة العرب" ..وقال عبدالناصر ايضاً":أن الجيش المصري ما جاء غازياً لليمن وال مرتزقاً وال مستنفعاً باليمن بل جاء ليريق دماً وينفق ماله للدفاع عن ثورة اليمن ..وتراب اليمن من خطر السعودية الذي هو خطر امريكا وبريطانيا ..لهذا جاء الجيش المصري لليمن كما جاء لدعم ثوار الجنوب وثوار الجزيرة العربية" .واختتم عبدالناصر قوله هذا بقوله ":أن جزمة اصغر جندي يقاتل الرجعية السعودية في اليمن واذنابها اشرف عندنا من تاج الملك فيصل وعقاله الذهبي". هذا إذاً هو رأي مصر األخير بصراحة يافخامة الرئيس ..إنه رأي مصر الجديدة بقيادة عبدالناصر وزمرته وهو رأي يذكرنا بالرأي القديم لمصر القديمة بقيادة محمد علي باشا وإبراهيم باشا في عام 1818حينما قضوا على اوائل اسرتنا السعودية ومشائخ الدين وقتلوا بعض اجدادنا والبعض اآلخر نقلوهم مكبلين بالقيود إلى مصر وسلقوا بعضهم في قدور كبيرة وأوقدوا تحتها النار وهم احياء وابقوا على البقية من اسرتنا اسرى في مصر. وقد برر محمد علي باشا هذا الفعل بقوله ":ماقصدت بالقضاء على االسرتين السعودية والوهابية اال لقطع دابر الفتنة التي سئل عنها النبي العربي مرة فأجاب مردداً ثالث مرات الفتنة تنبع من نجد واليها تعود ..وها نحن قضينا على الفتنة السعودية الوهابية لكي ال تعود إلى نجد المسلمة العربية ثانية" هكذا قال محمد علي ..لكن ما تبقى من اجدادنا استطاعوا النجاة ليعيدوا للعالم الحر هذا الطراز القوي والمحارب األول من نوعه للمباديء الهدامة ،ولذلك يعمل حكام مصر الجديدة اآلن مابوسعهم إلعادة تاريخهم في القضاء علينا من جديد ..لكنهم ان تمكنوا سابقاً لعدم وجود دولة كبيرة صديقة حميمة هي امريكا العظيمة فانهم لن يتمكنوا اآلن.. لذلك يافخامة الرئيس نقول لكم بصراحة ما قلناه ألسالفكم ..كلمة واضحة نقولها وهي ":أن المصير الذي يربط األسرة السعودية بأمريكا اليستمد قوته إال من نفس 5
االهداف التي تربط امريكا باسرتنا وباالعتماد علينا في العالمين العربي اإلسالمي كقوة كبرى تحمي المصالح المشتركة وتكافح الشيوعية وتحارب المباديء الهدامة ما ظهر منها وما بطن وسواء جاءت هذه المباديء باسم " الثورية" أو الجمهورية" او محاربة االمبريالية أو باسم القومية العربية والحرية واالشتراكية والوحدة أو باسم الوحدة والحرية االشتراكية ..فكل هذه المباديء ومثلها التتصدى لها االسرة السعودي أال لكونها الفتات طريق الشيوعية العدوة اللدودة للجميع الساعية البتالع المصالح المشتركة التي تربط الجميع. باسم هذا المصير الواحد والمصالح المشتركة نتسآءل يافخامة الرئيس.. ماهو رأي الواليات المتحدة في حماية عرشنا من خطر هذه المباديء التي نقل عدواها إلى مملكتنا انصار المصريين ووجود الجيش في حدودنا وأشاعتها اذاعات مصر في اجوائنا؟.. من كل ما تقدم يافخامة الرئيس ومما عرضناه بإيجاز يتبين لكم أن مصر هي العدو األكبر لنا جميعاً ..وان هذا العدو أن ترك يُحرض ويدعم االعداء اعالمياً وعسكرياً فلن يأتي عام 1970م كما قال الخبراء األمريكان -وعرشنا ومصالحنا المشتركة في الوجود ..ولذلك فإنني ابارك ما سبق للخبراء األمريكان في مملكتنا أن اقترحوه ألتقدم باالقتراحات التالية: -1أن تقوم امريكا بدعم اسرائيل بهجوم خاطف على مصر تستولي به على أهم األماكن حيوية في مصر لتضطرها بذلك ال إلى سحب جيشها صاغرة من اليمن فقط بل إلشغال مصر بإسرائيل عنا مدة طويلة لن يرفع بعدها أي مصري رأسه بعيدًا عن قتال ،محاوالً اعادة مطامع محمد علي وجمال عبدالناصر في وحدة عربية.. ونكون بذلك قد اعطينا ألنفسنا مهلة طويلة لتصفية المباديء الهدامة من اجسادها ال في مملكتنا بل وفي البالد العربية ..ومن ثم ،فال مانع من اعطاء المعونة لمصر وشبيهاتها من الدول اقتداء بهذا القول (ارحموا شرير قومٍ ذل) وكذلك اتقاء ألصوات إعالمهم المكروهة.
6
-2أن سوريا هي الثانية يجب أال تسلم من هذا الهجوم ،مع اقتطاع جزء من أراضيها يشغلها عنا لكي ال تتفرغ هي األخرى بعد سقوط مصر لسد الفراغ المصري في القومية العربية. -3كذلك االستيالء على قطاع غزة الواقعة تحت الحكم المصري ..واالستيالء على الضفة الغربية من األردن مهم جداً لكي ال تبقى للفلسطينيين أية مطامع في أية أرض واقعة تحت أيه إدارة عربية تسمح للفلسطينيين بعد ذلك بالتحرك من خاللها او تستغلهم فيها أية دول عربية بحجة تحرير فلسطين وحينها ينقطع أمل الخارجين منهم بالعودة ويسهل ضرب الرافضين منهم في أية دولة عربية مجاورة إلسرائيل، ألنه ما من دولة تريد أن تتحمل نتائج اعمالهم ،كما تسهل عملية توطينهم في الدول العربية. -4تقوية مصطفى البرزاني بإمداده إلقامة حكومة كردية في شمال العراق مهمتها اشغال أي حكم عربي ينادي بالوحدة العربية من على شمال مملكتنا في أرض العراق سواء في الحاضر أو المستقبل علماً بأننا منذ العام الماضي بدأنا بإمداد مصطفى البرزاني بالمال والسالح من داخل العراق وعن طريق تركيا وإيران. يافخامة الرئيس ..انكم ونحن متضامنين جميعاً سنضمن لمصالحنا المشتركة ولمصيرنا المعلق بتنفيذ هذه المقترحات أو عدم تنفيذها دوام البقاء أو عدمه. وأخيرًا انتهز هذه الفرصة ألجدد األعراب لفخامتكم عما أرجوه لكم من عزة وللواليات المتحدة من نصر وسؤدد ولمستقبل عالقاتنا ببعضنا من نمو وارتباط اوثق وازدهار.
المخلص :فيصل بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية في 27ديسمبر 1966م الموافق 15رمضان 1386هـ 7